لأول مرة منذ ثلاثة عقود: تعثر جهود مكافحة الفقر

أطاحت جائحة كوفيد- 19 بنجاح تواصل على مدار 30 عامًا للجهود العالمية الرامية لمكافحة الفقر، فخلال العقود الثلاثة الماضية انخفض معدل الفقر في العالم من 38% من سكان العالم عام 1990 إلى نحو 8.4% من سكان العالم عام 2019. 

على خلفية الجائحة، ولأول مرة منذ ثلاثة عقود زاد عدد الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع بنهاية عام 2020 بنحو 70 مليون إنسان. وإجمالاً، كان 720 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع في نهاية هذا العام. أي شخص يعيش على أقل من 2.15 دولار في اليوم الواحد فهو يعيش في فقر مدقع. 

بحسب تقرير الفقر والرخاء المشترك 2022 الذي نشره البنك الدولي انخفضت دخول أفقر 40% من سكان العالم بنحو 4% عام 2020. 

في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا توقعت لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (الإسكوا) ارتفاع عدد الفقراء في المنطقة العربية مع وقوع 8.3 مليون شخص إضافي في دائرة الفقر. كذلك توقعت (الإسكوا) أن يزداد أيضًا عدد الذين يعانون من نقص في التغذية بحوالي مليوني شخص. 

في لبنان على سبيل المثال. يحتاج أكثر من نصف اللبنانيين إلى مساعدات لتغطية احتياجاتهم الغذائية، بحسب برنامج الأغذية العالمي. لم يكن ذلك من فعل الجائحة وحدها، بل شاركها في ذلك الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تفاقمت في نهاية عام 2019، وحادث تفجير مرفأ بيروت الذي وقع في أغسطس 2020. الملمح الرئيسي لهذه الأزمة يظهر في التراجع الحاد في قيمة العملة المحلية والذي أدي بدوره إلى انخفاض القوة الشرائية للمواطنين وعجزهم عن الوفاء باحتجاجاتهم الأساسية. 

تنقل منظمة اليونيسف جملة للطفل اللبناني بهاء، البالغ من العمر 13 عاما، في تقريرها “الطفولة المحرومة” حول حال الأسر اللبنانية بعد الأزمة. يقول بهاء “لو كان لديّ أملا لكنتُ أعربتُ عنه من قبل، منذ زمن طويل، الآن، لم يعدّ لديّ أيّ أمل في أيّ شيء” 

تشير تقديرات الإسكوا إلى أن الفقر متعدد الأبعاد قد وصل في لبنان إلى 82% من السكان عام 2021، مقابل 42% من السكان في العام 2019. الفقر متعدد الأبعاد هو محاولة لقياس الفقر اعتمادًا على أبعاد/جوانب الحرمان من بعض الحاجات الأساسية مثل التعليم، الصحة، جودة الحياة والحماية الاجتماعية. بحيث لا يقتصر قياس الفقر في دولة ما على الدخل النقدي. 

في لبنان وغيرها وبحسب استنتاج للبنك الدولي تدفع الفئات الأكثر هشاشة في المنطقة مثل النساء واللاجئين وغيرهم، عبء الآثار الاقتصادية للجائحة. يقول البنك في تحليله الجائحة قد خلَّفت آثاراً متفاوتة على الناس، إذ أثَّرت في الغالب على الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً أكثر من غيرهم. ويُعد هذا الاستنتاج مبعث قلق بالغ لأنه قبل تفشِّي الجائحة كانت المنطقة تعاني بالفعل من تدني المعدلات السنوية للنمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع مستويات العمل في السوق غير الرسمية، وانخفاض مستويات مشاركة النساء في القوى العاملة، وقلة الوظائف الجيدة، وصعوبة بيئة الأعمال، وانعدام الأمن الغذائي، وأوضاع الهشاشة والصراع. 

One response to “لأول مرة منذ ثلاثة عقود: تعثر جهود مكافحة الفقر”

Leave a Reply