بينما كانت هايدي واقفةً على خشبة المسرح في الحفل الإختتامي وفي جلسة توزيع الجوائز لمنصة الشباب العربي والإفريقي ((AAYP، ولمنتدى شباب العالم (WYF) وبينما كانت تحمل جائزة الشباب العربي والإفريقي الواعد التي تلقتها من الرئيس المصري، أدركت في تلك اللحظة أنّ العمارة المستدامة هي الاختصاص الذي تريد أن تواصله بقية حياتها. كانت قد حصلت للتو على ثلاث جوائز في مسابقة التحدي الطلابي الدولي للمزرعة الحضرية في إيطاليا في عام 2019، بما في ذلك جائزة “Young Minds” من الجمعية الدولية لعلوم البستنة (ISHS).
ذهبت هايدي لتلقي جائزة أفضل دراسة من الشبكة العالمية للطاقة المتجددة (WREN) في المملكة المتحدة على أثر عرضها المتميز حول الورقة البحثية التي نشرها دار النشر الأكاديمي “Springer Nature” بحيث ألقت محاضرة TEDx في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتحدثت في المؤتمر الدولي لشبكة الجامعة العالمية للابتكار حول أهداف التنمية المستدامة الذي نظمته اليونسكو والأمم المتحدة في إسبانيا، كما حصلت على المركز الثاني في مسابقة دولية نظمها المؤتمر العالمي للطاقة المتجددة (WREC) في لشبونة.
لم تكن تعتقد دائمًا أن الهندسة المعمارية هي ستكون مسارها، حيث كانت تحلم أولاً بأن تصبح مهندسة طيران. نصحتها عائلتها بالحصول على شهادة في الهندسة المعمارية لأنها كانت “خيارًا أفضل للفتيات” وستتيح لها المزيد من فرص العمل. كانت سنواتها الثلاث الأولى في الجامعة صعبة للغاية وجعلتها تشكك في اختياراتها؛ ومع ذلك،التحقت بدورة الهندسة المعمارية والتنمية المستدامة في السنة الرابعة على التوالي، حيث أثبتت أنّ هذه كانت نقطة تحول في حياتها المهنية.
خلال فترة تنشئتها، كانت دائمًا مهتمة بمعرفة المزيد عن الاحتباس الحراري وغازات الاحتباس الحراري وتأثير تغير المناخ. كانت تتساءل في كثير من الأحيان لماذا لم يتم وضع حلول جذرية لتجنب أزمة المناخ. علّمتها هذه الدورة أنّ الهندسة المعمارية يمكن أن تلعب دورًا رئيسًا في منع أو التخفيف من تغيّر المناخ من خلال التحكم في البناء لتقليل تأثيرها البيئي والبصمة البيئية للمبنى الجاري تصميمه، وهي تعمل في هذا المجال منذ ذلك الحين.
شكّل ذلك تحديًا بسبب عروض الدورات المحدودة وفرص العمل القليلة في مجال الهندسة المعمارية المستدامة في المنطقة.ف كان على هايدي أن تتطلّع إلى الخارج وأن تتقدم إلى المؤتمرات والمسابقات الدولية لتتمكن من القيام بذلك ولمعرفة المزيد عما تحبه. ونظرًا إلى أنّ هذا المفهوم كان جديدًا على العديد من أقرانها وأحبائها، لم يتم تشجيعها بشكل خاص على متابعة هذا المسار. كان هناك بعض الضغط الأسري للتركيز أولاً وقبل كل شيء على الجامعة ومناهجها بدلاً من البحث عن فرص خارجها، اعتقاداً منهم أن الدرجات الجامعية ستضمن وظيفة جيدة.
شجعها أستاذها في الهندسة المعمارية والاستدامة على التخلي عن شكها وخوفها ودخول المسابقات. فهي تعتقد أن دعم أستاذها إلى جانب عنادها وحافزها ودافعها للنجاح ساعدها في التغلب على السلبية والمضي قدمًا. ومع ذلك، بعد النجاح والفوز بجوائز، خصوصًا على المستوى الدولي، بدأت تصورات الناس تتغير. “لا يهتم الناس بعمل شخص ما إلا بعد أن يحققوا إنجازًا، لذلك كنت أعلم أن هذه التحديات كانت مؤقتة.لقد جعلتني أقوى.”
وتضيف هايدي أنها استمدت الإلهام دائمًا من النساء الناجحات الأخريات، ولا سيما زها حديد، المهندسة المعمارية والفنانة والمصممة العراقية الشهيرة. تحب قراءة قصصهم ومعرفة من أين بدأوا وكيف كافحوا فقط للتغلب على العقبات في طريقهم والنجاح. تحفزها القصص التي تتمحور حول النساء القويات والناجحات والمنجزات على اتباع شغفها وغرس الإيمان في نفسها بأنها يمكن أن تحدث فرقًا. عندما تكون في حالة شك، تذكر هايدي سبب قيامها بما تفعله وتتطلع إلى المستقبل. هذا النوع من التفكير في المستقبل وبإنجازات أخرى للمرأة هو الذي يساعدها في الوصول إلى نهاية المشروع.
لقد فكرت في الاستقالة من قبل بسبب عدم ملاءمة اهتماماتها بالسوق المصري الحالي. ومع ذلك، في أي وقت تقترب فيه من الإقلاع، تجد شيئًا يدفعها مرة أخرى إلى الحقل. من الطّبيعي أن تجد منافسة وتدخلها، ثم تعيد الكرّة مرّةً تلو الأخرى. ووجدت أيضًا أن بعض الأشخاص يتابعون عملها وأفكارها وأنّ أساتذة جامعتها بدؤوا في تشجيع الطلاب على المشاركة في أنشطة خارج المنهج، وهو ما دفعها لمواصلة رحلتها.
عملت، بدورها، على تحفيز وتقديم الدعم للشابات اللواتي يرغبن في اتباع مسار مماثل. تسألها الشابات كيف فعلت ذلك، وهن مدفوعات لمشاركة أفكارهن والعثور على نسختهن من النجاح. تشير هايدي أيضًا إلى أن هناك ضغطًا أكبر للزواج والاستقرار منذ أن أنهت دراستها الجامعية وأنها تجربة ثقافية محضة، إلا أنها تفضل التركيز كثيرًا على عملها وشغفها في الوقت الحالي.
وفي ما تنصح الشابات والفتيات قائلةً “اتّبعي شغفك والإيمان بإمكانياتك. قد تواجهين السلبية، وقد يحبطك الناس. تخلصي من ذلك بعيدًا واستمرّي في العمل من أجل ما تؤمنين به لأنّ أفكارك يمكن أن تفيد شخصًا ما في المستقبل. أنت لا تعرفين تأثيرك حتى تحققي أهدافك “.
كما أنها تعتقد أن الدرجات الجامعية يجب أن تحظى باهتمام أقل، ويجب على الشركات أن تركّز على الأنشطة التي يقوم بها الشخص خارج الجامعة وما هي اهتماماته بدلاً من التركيز على الصورة الأكبر. ” فالدرجات لا تعكس أي شيء عن شخصية فرد ما أو عن مكامن قوته؛ ابحثوا عن شخص يمكنه القيام بمهام متعددة، شخص يمكنه الحفاظ باستمرار على الاستقرار أثناء إدارة وقته ودراساته واهتماماته وخبراته العملية وحياته الاجتماعية”.
وهي تعتقد أيضًا أن المدارس يجب أن تقدّم المزيد من القصص عن النساء الرائدات والقياديات، كما تعتقد أنه من المهم للفتيات الصغيرات سماع هذه القصص ومعرفة أن أي شخص يمكنه فعل ما يصبو عليه.
هذه القصة من تأليف غادة القواص
Leave a Reply