Site icon The Asfari Institute for Civil Society and Citizenship

آية معلم: التّرميز في متناول جميع الفتيات

شكّلت بداية مفهومٍ استطاع التطور لاحقًا إلى برنامج إرشادي وتكنولوجي واندماجي تحديًا مثيرًا لاهتمام آية معلم. اعتقدت مهندسة الكمبيوتر البالغة من العمر 23 عامًا أن الفتيات بحاجة إلى طريقة لتعلم المزيد عن الترميز، وهي صناعة مزدهرة الآن في حد ذاتها، ليحصلن على المهارات نفسها كنظرائهن من الرجال في مجال الهندسة. آية هي المؤسسة المشاركة في برنامج ” البرمجة في متناول جميع الفتيات “، وهو برنامج يهدف إلى تمكين الفتيات الصغيرات في المدارس الثانوية ومستويات الجامعة المبكرة وإلى تعليمهن أسس وتطبيقات برامج الترميز المختلفة التي يمكن استخدامها في أنواع مختلفة من الوظائف.

نشأت آية في أسرة داعمة. فلطالما أراد والداها الأفضل لها وشجعوها على السعي وراء أحلامها. وبعد حصولها على هذا الدعم، شعرت آية بالراحة في مشاركة أي مشاريع ترغب في متابعتها مع أسرتها لأنهم كانوا يقدّرون أية مبادرة كانت على وشك البدء بها. آية هي المهندسة الوحيدة في المنزل والفرد الوحيد الذي تابع دراساته العليا. بسبب ثقة عائلتها بها، شعرت أنها بحاجة إلى أن تكون القدوة التي يستنظرونها. وهي تعتقد أنّ عليها واجب تجاه الأفراد الأصغر سنًا في العائلة مثل أبناء عمومتها الصغار الذين يريدون أن يصبحوا مثلها عندما يكبرون. نظرًا لأنهم يتطلعون إلى آية، فإنها تتخذ إجراءات مسؤولة وإيجابية في دراستها وفي عملها.

كانت آية طالبة جامعية درست هندسة الكمبيوتر والاتصالات في الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB). وكونها امرأة متخصصة في مجال الهندسة يأتي مع مجموعة مختلفة من التحديات في لبنان. فخلال عامها الأول كطالبة في السنة الثانية، التحقت آية بمختبر هندسي لم يكن فيه سوى فتاة واحدة وسط المكان المليء بالرجال. كان هذا غريبًا إلى حد ما بالنسبة لآية؛ ومع ذلك، لم تتلق أي تعليقات تمييزية خلال سنوات دراستها الجامعية.

تتذكر الوقت الذي كانت فيه في المدرسة الثانوية وتقارنه بفترة دراستها في الجامعة. تذكر آية أنها كانت واحدة من الفتيات المعدودات اللواتي كنَّ في قسم العلوم العامة في الصف الثاني عشر واللواتي ركّزن على الرياضيات والفيزياء. وتستذكر أنها ذات يوم وبمجرد مغادرتها الفصل الدراسي، تفاجأ معلمها بحصولها على أعلى الدرجات في الفصل، “متفوقة على متوسطات الفتية”. حتى يومنا هذا، لا تفهم آية أساس هذه الصورة النمطية أو سبب ارتباكها وصدمتها ولكنها شعرت أنه يجب القيام بالتغيير.

لم يكن لدى آية أنموذج تحتذي حذوه في الهندسة لتوجيهها في اختياراتها وقراراتها خلال فترة تنشأتها. فقد كانت تفتقر إلى هذا النوع من الدعم في المدرسة وفي الجامعة أيضًا. وبصفتها طالبة في المدرسة الثانوية، قامت مدرسة الرياضيات – إيلينا رومان كانسو- بتسجيلها في مسابقة الرياضيات التي أقيمت في الجامعة الأميركية في بيروت حيث تعاونت مع زملائها الآخرين في الفصل لتصميم مشروع. في ذلك الوقت، لم تكن مساهمة معلمتها ضخمة، لكنّ آية أظهرت عن تقديرها لدعمها وتوجيهها. ففي الجامعة، لم يكن من السّهل على آية إيجاد أنموذجًا تحتذي حذوه أو حتى معلمًا. وقد حضرت محاضرة ذات يوم ألقتاها البروفيسورة رويدا كنج من قسم الهندسة الكهربائية. فجذبت إنجازاتها آية ودفعتها إلى الاتصال بها لتطلب منها أن تكون مرشدتها لأن آية كانت قد بدأت لتوها بمشاريعها البحثيّة.

شعرت آية بالإحباط خلال فترة تعلّمها لأن نظرائها الذكور كانوا أكثر دراية بالترميز مما كانت عليه. ولم تجد فرصة متاحة للتعلم. لذلك، التقت آية بصديقة لها وقررت إطلاق مبادرة من شأنها أن توفر مساحة لم تكن متاحة لهن من قبل. أنشأت مبادرة “التّرميز في متناول جميع الفتيات” انطلاقًا من أنّ جميع الفتيات يجب أن يتمتعن بفرص متساوية في تعلم المهارات التي من شأنها أن تسمح لهن بتحسين تعليمهن ومهنهن. البرامج التي تقدمها مبادرة التّرميز في متناول جميع الفتيات هي برامج مجانية بحيث يمكن لأي فتاة، بصرف النظر عن العرق أو الطبقة الاجتماعية، أن تسجّل في البرنامج وأن تستفيد منها. ومع ذلك، كطالبة جامعية، غالبًا ما تلتقي آية ببعض الفتيات اللواتي قامت بتوجيههن في برنامجها في الحرم الجامعي كما أجرت محادثات صريحة معهن. هذا يؤكد لآية أنها فعلت الشيء الصحيح في تأسيس مبادرة التّرميز في متناول جميع الفتيات.

يتعين على آية تقديم نصيحة بسيطة لمعلمي المدارس بحيث تشعر أنها ستحدث فرقًا في احترام الفتيات لذاتهن. نظرًا لأن تركيزها ينصب على تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، فإنها تنصح معلمي الرياضيات والعلوم بتغيير الضمائر في التمارين التي يقدمونها للطلاب. على سبيل المثال، عند حل مع معضلة فيزيائية، تجد آية أنه من الضروري أحيانًا الإشارة إلى الشخص المستهدف في التمرين كـ “هي” بدلاً من “هو” أو “الفتاة” بدلاً من “الصبي”. على الرغم من أن البعض قد يلاحظ أن هذا ليس مهمًا، تشعر آية أنه قد يساعد الفتيات على الشعور بالمشاركة. كما أنها تعزز هذه الفكرة حتى تدرك الفتيات بشكل أفضل أن العلوم ليست للفتية فقط ولكنها أيضًا للفتيات.

كانت آية تشعر منذ الصّغر أنه يجب على الفتيات دائمًا أن يكنَّ سبّاقات في حياتهن. فقبل الوصول إلى مرحلة يتم فيها اتخاذ قرارات جادة وخيارات مغيرة للحياة، تقترح آية أنه يجب أن تكون الفتيات قادرات على إيجاد أنموذج يُحتذى به في سن مبكرة. لقد فوجئت بمعرفة أن العديد من النساء يسعدن بتقديم المساعدة عندما يطلب منهن ذلك، وشعرت بالحزن لأنها أدركت أن هذا الخيار كان متاحًا عندما كبرت. كما تنصح آية الفتيات بطلب المساعدة عند الحاجة وعدم ترك أية أسئلة دون إجابة لأنها قد تكون في متناول اليد.

تعترف آية بالتأثير الكبير للإعلام على الفتيات. وتقترح أن منصات التواصل الاجتماعي والصفحات التي لديها قاعدة متابعين كبيرة يجب أن تكون قادرة على الاستفادة من نطاق انتشارها بطرق مختلفة عمّا هو موجود حاليًا. وهي تشجّع استخدام تقنية السرد القصصي بحيث تعتقد أنه إذا استُخدمت منصات كافية للسرد القصصي لإظهار إنجازات الآخرين، فستشعر الفتيات بمزيد من الثقة في اختياراتهن وسيعرفن أن الآخرين قد سلكوا هذا المسار أو قاموا بهذا الإنجاز. وعندما علمت آية بالمشروع الإقليمي للسرد القصصي، تحمّست كثيرًا بشأنه لأنه من أحد أحلامها أن تجد مبادرة من شأنها ربط النماذج التي يحتذى بها بالفتيات الطموحات.

هذه القصة من تأليف تمارا سليمان

Exit mobile version