طرابلس العروس التي فضح “كورونا” غربتها وعمق عزلتها… جدّدت انتفاضتها

صبحية نجار

ليل ٢٧ نيسان (أبريل) ٢٠٢٠،  خرق الطرابلسيون قرار التعبئة العامة الذي فرضته الحكومة اللبنانية جراء تفشي فيروس كورونا المستجدّ. وخرقوا معه عزلة ثاني أكبر مدينة في لبنان، فنزلوا الى الشارع للتعبير عن غضبهم وفقرهم وجوعهم ضد الارتفاع الجنوني للدولار غير آبهين بالبوباء ولا بالموت! فما يعيشونه من مرارة وظلم وفقر، أشدّ وقعاً من الموت نفسه… عبّروا عن غضب عمره عشرات السنين ورِثوه جيل الى جيل حتى نفذ صبرهم وجفّت ألسنتهم من المطالبات ومرارة الذل المجبول بالعلقم. ولم يكن من الممكن ان يستجيبوا لترف الحجر المنزلي الذي التزم به أبناء الطبقات الفقيرة والوسطى والاغنياء بطبيعة الحال. فغالبية أهالي طرابلس ممن يعيشون تحت خط الفقر، وإن لم يخرجوا يومياً الى العمل ينقطع رزقهم وقوتهم الذي بالكاد يستطيعون تحصيله.

الشارع هو ملاذهم الاول والاخير، في حالات التشرّد عندما يطردهم مالكي أشباه البيوت التي يعيشون فيها، وأرباب العمل وعندما تضيق بهم الحياة. كسروا واجهات المصارف التي تحتجز ما تبقى من اموالهم او رواتبهم. تواجهوا مع الجيش اللبناني في معارك حقيقية كان آخرها تلك التي أسفرت عن مقتل الشاب فواز السمان الذي قتل برصاصة أطلقها الجيش عشوائياً أثناء محاولة فض الاحتجاجات (كما أكدت أخته فاطمة) إضافة الى وقوع عشرات الإصابات من المدنيين والجيش….

لماذا نزل الناس مجددا الى الشارع تحديدا في طرابلس دون المدن الاخرى؟

“نزلنا الى ساحة النور ضد الفقر والجوع والذل، هذا ما قاله لنا أحمد الشاب الأربعيني الذي أتى من حي الرفاعية أحد الأحياء الفقيرة وما أكثرها في طرابلس (التبانة، القبة، باب الرمل، قبر الزيني، حي التنك، المينا، المساكن الشعبية، الدفتار ، الحارة البرانية، السويقية، التربيعة وغيرها) ….

وصف أحمد مكان اقامته بالـ “حي ذو طابع تراثي”، ساخراً ومبتسماً ابتسامة صفراء، متابعاً “لأنه يقع تحت قلعة طرابلس مباشرة ويضمّ كل أنواع البؤس والحرمان”. وهو الحي الذي يستغلّه السياسيون ويعلّقون على جدرانه ومبانيه الصور العملاقة لـ “زعماء” المدينة الذين لم  ينصفنها يوما…

أحمد وصل  الى ساحة النور (ساحة الانتفاضة) في ليل ٢٧نيسان (أبريل) الليلة الكبرى لأنه خسر كل ما يملك، عمله كمياوم في محل نجارة توقف قبل أزمة الكورونا بعدما استبدله صاحب الورشة بشاب عشريني، لاجئ سوري يتقاضى نصف اليومية…. وتابع: “مع قرار حجر الصحي اختنقت في منزلي المعتم الأشبه بالسجن”….

في جولة  مع أحمد الى حي الرفاعية، تتفاجأ ان يكون في القرن الـواحد والعشرين

ظلم الى هذا الحد للبشر وعدم إعطائهم الحدّ الادنى من الحقوق التي نصت عليها شرعة حقوق الانسان وهي العيش بكرامة والحق في السكن الآمن والمأكل والمشرب وحرية التنقل والتحرك.

مشهد كئيب هنا حيث لا بيوت بل زنزانات رطِبة متلاصقة لا تدخلها الشمس، ينام نزلاؤها بأمعاء خاوية…. وصل الكورونا وزاد الفقر بؤسا. فقد فُرض الحجر الصحي على الفقراء والأغنياء سواسية من دون التمييز بين السمك واللبن!

“حجر عن حجر بيفرق”، يقول أحمد. ويتساءل: “فهل تعرفون ماذا يعني الحجر  بالنسبة لهذه الأحياء الفقيرة؟ هو فعليا كما يراه الزائر لبيت أحمد، سجن تحوّل من جماعي الى انفرادي مع تعذيب مضاعف.

حال أحمد كحال معظم العائلات في طرابلس التي تتكاثر فيها نسبة العائلات التي تعيش في فقر مزمن ومدقع، وقد تصل الى مئة في المئة في الاحياء العشوائية المهمّشة. أحمد أب لخمسة أطفال يعيشون جميعا في مساحة لا تتعدى المئة متر مربعا، ويتشاركون المطبخ والحمام مع جيرانهم، هم بالكاد يتنفسون….

أحمد اليوم عاطل من العمل ، فسحته الوحيدة في الأيام العادية هي الشارع أو الساحات  العامة للهروب من قوقعة المنزل، مثله مثل آلاف الشباب في طرابلس الذين يطلقون عليهم “أولاد الشارع” ومعهم مئات العائلات الذين وجدوا في انتفاضة  ٢٧ نيسان أبريل الماضي خلاصهم ليقولوا لا للفقر، لا للجوع، لا للحرمان…

فواز السمان شرارة الموجة الثانية من الانتفاضة

حياة فواز السمان الذي يمثّل شرارة الموجة الثانية من انتفاضة طرابلس أو “انتفاضة 27 نيسان” هي مرآة لغالبية الشباب الطرابلسيين الذين ظلمتهم الحياة وعاشوا في فقر  مدقع ولم تحمهم من العنف والتشرّد ولم تؤمن لهم مدرسة مجانية ولا فرص عمل ولا تعطهم فرصة للتعبير عن رأيهم وجعلتهم يتحمّلون المسؤوليات منذ نعومة أظافرهم، فحّرموا من طفولتهم ومراهقتهم والآن من شبابهم… الحجر الصحي أثر مباشرة على عمل فواز الذي كان يصلّح الدراجات النارية وصار بلاعمل مع قرار التعبئة العامة، فتضاعف غضبه وقرر تفريغ غضب السنين الـ 26 التي عاشها مقهوراً ليلة 27 نيسان، فرحل أيضاً مظلوماً!

فهذا الظلم المتكرّر الذي يتحمل مسؤوليته النظام السياسي، ولم يرفضه سياسيو المدينة ولا نافذوها ولا كبار أغنيائها الكثر، وجد في مقتل فواز السمان شرارته لعدم السكوت عن الحق والثورة لأجله. فأثار مقتل فواز غضب الكثيرين في المدينة وخارجها. صلي على جثمانه في الساحة نفسها التي شهدت سقوطه، فنددوا بدخول الجيش أو إقحامه في مواجهة مماثلة مع المتظاهرين، وتبادلوا صورة فواز “شهيد ثورة الجوع”. مع العلم ان فواز لم يكن الشهيد الوحيد الذي سقط في طرابلس منذ بدء انتفاضة ١٧تشرين 2019.

بعد هذه الحادثة انقسم الطرابلسيون بين مؤيد ومعارض لأعمال العنف .

التوقيفات:

ليل ٢٧ نيسان لم يمر من دون توقيف شباب ثائرين عبّروا عن غضبهم وحرقة قلبهم بالحرق والتكسير. “عشرات الموقوفين لا يزالون قيد التحقيق اليوم”، كما يقول محمد شوك أبو محمود، مؤسس مجموعة”حراس المدينة” التي بدأت نشاطها عام ٢٠١٥ في عز أزمة النفايات واستمرت حتى انتفاضة “17تشرين” ولا تزال حتى الساعة تكمل عملها الاجتماعي مع الثوار وفي الأحياء الفقيرة في ظل موجة الجوع التي تضاعفت مع وباء كورونا.

ويخبرنا سامر (اسم مستعار لشاب موقوف لم يرد ذكر اسمه) وعمره ٢٧ سنة وأب لثلاثة أطفال، انه اعترف في التحقيق برمى مادة التنر وحرق سيارة تابعة لشرطة الاستقصاء. وذكر أيضا أنه اشترى المادة عندما ضاقت به الدنيا، ولم يعد يملك ليرة واحداً. قرر سامر أن يحرق نفسه أمام الملأ، ولكن عندما نزل الناس للتعبير عن  وجعهم  نزل زجاجته من دون تخطيط او وعي، فقرر أن يصب غضبه بحرق كل من يواجه اهل مدينته.

منذ بدء انتفاضة ١٧ تشرين، ظهرت طرابلس  بأجمل حلة،  كما أرادها الثوار في انتفاضة سلمية، حينها نزلت أكثرية عائلات المدينة الى ساحة النور لتقول لا للسلطة السياسية، ولكن من هم الذين عادوا الى الشارع في ليل ٢٧ نيسان في ظل التعبئة العامة؟

اذا أخذنا المشهد كما هو على الأرض، فعليا الحكومة والسلطة لم تلتفتا الى مطالب الناس، ولم تفرقا بين حجر للعائلات البرجوازية والغنية وحجر  للفقراء. عملياً، لم تؤمّن السلطة ما يلزم لـ “حماية” الناس كما ادّعت من اجل الوقاية من الوباء. زد على ذلك أن المساعدات الغذائية والمالية التي بدأت الحكومة بتوزيعها متأخرة، لم تكن كافية أصلا…

أسئلة كثيرة طرحت حول هوية المتظاهرين في احتجاجات -٢٧ ٢٨نيسان.

العنف الذي مورس في الشارع أربك زعماء المدينة وراحت تنهال الاتهامات

على الثوار و وصفهم بالـ “مندسين” والـ “غرباء”! في حين أن هؤلاء لا يملكون سلاحا الا وجعهم من الجوع والفقر.

الجميع شاهد المعركة على شاشات التلفزيون، المشهد لم يعجب كثيرين ممن كانوا ينزلون الى ساحة النور لحضور مهرجان غنائي  أكثر  مما هو انتفاضة وجع. وفجأة عندما تعرض الثوار الى أصحاب رأس المال، وُصموا بالـ “زعران”…. ولكن وحدهم الثوار أولاد الشوارع من يعرف بوصلة طريق الوجع…

طرابلس التي لقبت بعروسة الثورة مع انتفاضة “17 تشرين”، وجدت نفسها وحيدة من دون عرس ولا حتى عريس. ساحة النور التي شارك فيها غالبية الثوار ،  شهدت٢١ جولة عنف بين المتظاهرين والجيش، وواجهها أهالي طرابلس وحدهم من دون أي تضامن لا من المناطق المجاورة ولا البعيدة. وكأنه في وقت الشدة  تُترك طرابلس وحيدة….من دون “مصفقين ولا راقصين”.

زعل ثوار طرابلس الذين لم يتركوا الساحات أبدا، كان على ثوار بيروت وعتبهم الأكبر على  المناطق الريفية المجاورة من الجرد الماروني بين زغرتا وبشري. هذا الجرد الذي لطالما كانت طرابلس رئته وشباكه الى عالم التعليم العالي والعمل والميادين الثقافية والترفيهية .حتى في انتفاضة “17تشرين” لم يكن لأهالي الجرد الجرأة الكافية لينتفضوا في وجه البيك والزعيم وابن الطائفة على أرضهم، فكانت ساحة النور حضنهم الدافئ الذي ضمّهم الى الانتفاضة.

أما في جولات العنف، فتترك طرابلس وحيدة كالعادة والتضامن مع العروس الفقيرة  يختصر  عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر متابعة الشاشات…

حسام بربارة شاب عشريني ترعرع في طرابلس، وهو ملمّ بخفاياها، لا يترك الساحة منذ ١٧ تشرين. ويقول “أنا من اللقلوق جرود كسروان، ولكنني أنتمي الى طرابلس ثقافيا وعقليا وعملياً، نحن ظلمنا وواجهنا الانتفاضة وحدنا في عز الشدة”. ويسأل: “لما الاعتماد كله على طرابلس؟، حتى في جولات العنف أمام المجلس النيابي في بيروت كان ابن طرابلس في الصفوف الامامية وهو من يدافع عن من حوله ولا يترك ساحة المعركة حتى الرمق الأخير “….

خلفية عن المدينة

مدينة طرابلس هي ثاني أكبر مدينة في لبنان وتضم ثلاث بلديات: طرابلس، المينا والبداوي. في نهاية الحرب الأهلية، أصبحت تحتوي على ٩٠% من المسلمين السنة، تمركزوا بين طرابلس والبداوي،  أما المسيحيون الأرثوذكس في الميناء والأقلية العلوية في جبل محسن.

ما يميز  طرابلس عن غيرها من المدن هو موقعها  الجغرافي، الذي اعتبر مركزا تجاريا لمنطقة محاطة بمجموعة مناطق ريفية كبيرة. هي مركز أساسي لهذا الريف المجاور الذي يضم زغرتا بشري سير الضنية وقضاء عكار .

قبل الازمة الاقتصادية التي ضربت لبنان كان ٥٧ % من اسر المدينة  يعانون من الحرمان الشديد ، بينما ٨١ % من اللبنانيين في حي باب التبانة ليس لديهم ضمان او تأمين صحي، وتبلغ نسبة البطالة في الاحياء الشعبية ٥٥% علما أن معدلات الفقر  أصلا  مرتفعة في  محافظة شمال لبنان (بحسب دراسة حول احياء باب التبانة والقبة وجبل محسن لـ UN-Habitat  ).

مقابل هذا الفقر المدقع هناك ثراء فاحش،  وبحسب مجلة “فوربس” الأميركية في قائمتها لأثرياء العالم لعام 2018، أسماء ٧ ملياردير لبناني، يبلغ إجمالي ثروتهم 13.4 مليار دولار  ويتصدر القائمة من اللبنانين الأخوين طه ونجيب ميقاتي أبناء طرابلس  بثروة ٢٫٨ مليار لأول و ٢٬٧ مليار رئيس الحكومة الأسبق ابن المدينة…

ومن هنا يسأل الطرابلسيون أين هم رجالات السياسة وزعماء المدينة؟ ويشرح أبو محمود من “حراس المدينة”: “لا نتوقع أي شيء منهم، هم مستسلمون في نوم عميق، مع كل ما حصل ليل ٢٧ نيسان لم يحركوا ساكنا، وكل ما أنجزوه في مع بدء أزمة الكورونا أنهم اجتمعوا في فندق الQuality INN  الشهير، وضعوا كماماتهم، وتصوروا امام الكاميرات، وطلبوا من الدولة “أخذ الإجراءات اللازمة للحد من الوباء”.

ويضيف: “يغضّ زعماء ونواب طرابلس النظر بل يتجاهلون تقارير الأمم المتحدة الإنمائية التي يصف مدينتهم بالمدينة الأفقر على ساحل المتوسط، وأرقام البطالة المرتفعة، أرقام الفقر ،لم يكلفوا أنفسهم باعداد خطة طوارئ ومساعدة الفقراء من ثرواتهم المخيفة، كما يفعولن قبيل “موسم” الانتخابات النيابية الطائفية”.

“الفقر في طرابلس هو خدمة لزعماء المدينة الذين يتحكمون بزمام الأمور”، كما تحلّل رولا التي وصلت الى ساحة النور تحمل صورة فواز السمان، وقالت بلهجتها الطرابلسية “لا يمكن لأحد أن يرى الوجه الحقيقي للفقر في طرابلس من دون زيارة حي التنك، أو حي المنكوبين، أو منطقة جبل محسن والتبانة، الصحافيون يغطون  الثورة من الجهة البرجوازية من الساحة، ولكن اهل الساحة يعيشون في هذه المناطق ومن أجلها نزلوا”.

أما عمر الذي يقف على بعد أمتار من الساحة نفسها، يقول “نحن أهل طرابلس ضحية السياسة والدين، بدءا من أحداث جبل محسن -التبانة والذي خسرنا بعضا البعض ولم نربح الا الموت والجرحى، وصولاً إلى الأزمة السورية التي دفعنا نحن ثمنها”. ويضيف “أنا حلاق رجالي أتقاضى أجرتي يوميا ٣٠ الف ليرة ولكن خسرت عملي لأن “المعلم” استبدلني بلاجئ سوري يدفع له نصف يوميتي ويعمل طيلة أيام الأسبوع من دون عطل، وهذه حال أكثرية الشباب في طرابلس”. وأردف “نحن لا نريد قطع أرزاق اللاجئين، بل نريد الحق بالعمل وان يحاسب المخالفون وان تحمينا الدولة من التهديد بلقمة العيش”.

طوفان نهر قاديشا «أبو علي» أجبر المدينة الى  هجرة جغرافية وبشرية، شردت الكثير من أهل المدينة وخربت في التنظيم المديني، وبعد هذا أتت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 لتخلق تغييرا  ديموغرافيا جديدا قتل أي فرصة للتخطيط الاجتماعي والعمراني والثقافي السليم وأضاع هوية المدينة. 

ميرا منقارة مرشدة سياحية من طرابلس، ومتخصصة بتنظيم جولات سياحية على أهم المعالم التاريخية والثقافية. ميرا فتاة مفعمة بالحياة، من أشد المتفائلين تجاه اقتصاد المدينة، لكنها خسرت عملها مع بدء الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد. من خلال رحلاتها السياحية، تقول إن طرابلس من أغنى المدن في المنطقة وهي كانت مرشحة لتحتل مكاناً هاماً على لائحة مواقع التراث العالمي (اليونيسكو)، بفضل  وجود معرض رشيد كرامي الدولي فيها. هذا المعرض  الذي بدأ العمل به في ستينات القرن الماضي في عهد رئيس الجمهورية الراحل فؤاد شهاب الذي أراد للبنان معرضاً دوليا دائماً على غرار المعارض العالمية، والذي  كان سيخلق حوالي خمسة  آلاف فرصة عمل في المدينة، التدخلات السياسية شلت الحركة فيه ويتمته.

في عهد فؤاد شهاب عاشت طرابلس عصرها الذهبي ان كان من ناحية علاقتها مع المناطق الريفية المجاورة أو حتى مع العاصمة بيروت التي كانت برتبط بها  عبر خط سكك حديدية،هذا عدا عن  وجود المرفأ البحري الذي كان  ناشطا، بالإضافة الى مشاريع لتشغيل مطار القليعات المجاور.

كل هذه المشاريع تبخرت مع بدء الحرب الأهلية اللبنانية.


عن المؤلفة

.صبحية نجار, صحافية ومراسلة سابقة، ومقدّمة في برنامج برلمان شعيب

Leave a Reply